أمام نحو ثلاثة آلاف زعيم ومسئول سياسي واقتصادي بالمنتدى العالمي “دافوس 2017″، كانت التنمية المستدامة وتحسين معيشة المواطن البسيط وخلق المزيد من فرص العمل المناسبة للشباب أهم القضايا التي ركز عليها الوفد المصري المشارك في المنتدى، وهو ما يعكس حرص وإصرار الحكومة المصرية تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي لمواصلة تنفيذ محاور رؤية التنمية المستدامة 2030 والتي بدأت فيها الدولة على كافة الأصعدة.
ونجح الوفد المصري، المكون من داليا خورشيد وزيرة الاستثمار والدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولي والمهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، في استغلال هذا الحدث في نسخته ال 47 لطرح رؤية مصر لتحقيق التنمية المستدامة والبحث عن المزيد من الشركاء الدوليين لمساعدة مصر في تنفيذ هذه الإستراتيجية وتقديم الدعم اللازم لها، خاصة وأنه يشارك في المنتدى أكثر من 1000 مدير شركة من الشركات العالمية العملاقة و30 رئيس دولة وحكومة، فضلا عن رؤساء ومدراء منظمات دولية مرموقة مثل صندوق النقد الدولي، والأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية.
وشددت وزيرة الاستثمار على أن مصر تستهدف جذب الاستثمارات المباشرة التي تحقق التنمية المستدامة وتساهم في مزيد من الإنتاج والتصدير وخلق فرص عمل للشباب وتحسين معيشة المصريين، وقالت “طبقنا رؤية وسياسة استثمارية واضحة ونحن نتحدث عن التنمية في مصر وذلك من خلال طرح فرص استثمارية متكاملة تستهدف مناطق جعرافية بعينها وقطاعات إستراتيجية متضمنة في رؤية مصر للتنمية 2030 والتي تمنح حوافز وضمانات تساعدنا على دفع التنمية في الاتجاه الذي تخطط له الدولة”.
وقالت خورشيد “إن مصر قامت خلال السنوات القليلة الماضية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدد من الخطوات التي كانت الأساس في تهيئة المناخ الاستثماري وأولها تحقيق الاستقرار السياسي والأمني والعمل على خلق بنية تحتية قوية من شبكة طرق وكباري ومحطات كهرباء وموانيء وتبعها تنفيذ برنامج إصلاحي جريء تم فيه تحرير سعر الصرف وتنفيذ شبكة حماية اجتماعية لتوصيل الدعم لمستحقيه”.
ومن جهتها، أكدت الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولي أن الحكومة تبنت برنامجا طموحا شاملا لتحقيق تنمية مستدامة بالتركيز على الفئات الأكثر احتياجا والقرى الأكثر فقرا، من خلال توفير فرص العمل اللائقة وتطوير بنية تحتية مستدامة وإتاحة الإسكان المناسب بأسعار مناسبة والتعليم والصحة ذات الجودة.
وأشارت إلى التوسع في استخدام موارد الطاقة المتجددة، والعمل حاليا على اتخاذ إجراءات الحماية الاجتماعية القوية المصاحبة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
ولفتت إلى أنه بالرجوع إلى الخبرات الدولية والإصلاحات التي طبقتها مصر في السابق نجد أنه من الضروري وجود شبكات أمان اجتماعي لتوفير الاحتياجات الأساسية وضمان عدم الإضرار بالمواطنين الأكثر احتياجًا، ومن أمثلة برامج الحماية الحالية برنامج التغذية المدرسية في القرى والمحافظات الأكثر فقرًا، وتوصيل الغاز للمنازل ليحل محل أنابيب البوتاجاز مرتفعة التكلفة، بالإضافة إلى السعي الدائم لتخفيف الأعباء عن المرأة المعيلة وبناء القدرات في قطاع التعليم للقضاء على الفجوة بين المهارات وسوق العمل.
وأوضحت سحر نصر أن الحكومة حريصة على إجراء مشاورات مكثفة مع كافة فئات المجتمع بشفافية كاملة، وتم وضع برنامج إصلاحي شامل قادر على الاستجابة للتغيرات، ويتم متابعة تنفيذه مع المواطنين، كما تدرك الحكومة أهمية مشاركة القطاع الخاص في التنمية، ودخوله في القطاعات المختلفة وليس فقط قطاع الأعمال أو الصناعات بل قطاعات الإسكان والطرق ومختلف المشروعات التي تقوم بتنفيذها.
وأشارت إلى حرص الحكومة على توفير الإطار القانوني والتشريعي المُحفز للقطاع الخاص، ذلك الأمر الذي يمهد الطريق أمام رجال الأعمال، للقيام بدورهم في تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وقالت نصر “مصر تستثمر في الثروة البشرية والقدرات المؤسسية والتي تعد ركائز أساسية لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة، حيث يتطلب تنفيذ رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة بنجاح أن يتم التغلب على ثغرات القدرات البشرية والمؤسسية من خلال تطوير القدرات والمؤهلات على جميع المستويات”.
وأضافت “تعمل الحكومة على استغلال الطاقات الديموجرافية وتبذل جهود مضنية للاستثمار في رأس المال البشري، بالأخص من خلال التعليم والتدريب، وتحفيز خلق فرص العمل اللائقة والمستدامة، وتوجه جهود خاصة لتمكين الشباب والمرأة “.
وفي كلمته بمنتدى دافوس، قال المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة “إن رؤية وإستراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030 والتي تتبناها الحكومة تضم محاور تتعلق بالابتكار والخدمات الحكومية الذكية والتعليم الفني الذكي، والتي في إطارها قامت وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع نظيرتها الألمانية بتطوير إستراتيجية للابتكار الصناعي لدعم التحول الصناعي الرقمى في مصر”.
وأضاف أن إستراتيجية الإصلاح الاقتصادي تستهدف تعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وترسيخ سيادة القانون، وتحسين المؤشرات العامة لجودة الحياة، بحيث يصبح الاقتصاد المصري بحلول 2030 اقتصاداً متوازناً.
وأشار قابيل إلى أن تحقيق “رؤية مصر 2030” سيترتب عليه إنشاء العديد من المشروعات الكبرى في مختلف المجالات، مما سيساهم في تنمية القطاع الصناعي في مصر، وإتاحة فرص استثمارية أفضل للمستثمرين الأجانب، لافتاً إلى أن الحكومة قد لا تزال تستثمر في البنية التحتية، التي تعد العنصر الأهم لتحقيق التنافسية والنمو.
كما أكد ضرورة بذل الحكومات العربية مزيدًا من الجهود لوضع البنية الأساسية للاقتصاد الرقمي، وتبنى السياسات والتشريعات الداعمة لذلك وتطوير المهارات ورفع جودة التعليم، فضلًا عن تعزيز ودعم المشروعات، مشيرًا إلى أهمية الاستعداد لإجراء هذا التغيير من أجل ضمان تحقيق أهدافه وتقليل حجم تداعياته على اقتصادات الدول العربية، مشيرا إلى أن القوانين والتشريعات الحالية تحتاج إلى التعديل لتسمح باستخدام النظام الرقمي الجديد وتوفير آليات تمويل لدعم الاستثمارات الضخمة التي يتطلبها هذا التحول الصناعي الرقمي.
وقال قابيل “إن مصر شرعت في الاستعداد لتجهيز البنية التحتية للاقتصاد الرقمي من خلال إطلاق خدمات شبكة الجيل الرابع 4G ومبادرة الإنترنت فائق السرعة (البرود باند)، واللتين تعدان أمرًا ضروريًا لتسريع النظام الرقمي الذي تقوم عليه غالبية المشروعات، حيث تشجع الحكومة مثل تلك المشروعات من خلال بناء وحدات إدارة البيانات الإستراتيجية في مختلف الهيئات الحكومية”.
وأضاف “تقوم الحكومة بالتوجه نحو إنشاء المدن الذكية ويأتى مشروع بناء العاصمة الجديدة على رأسها، كما قامت باستخدام المرافق الذكية لضمان التوافق بين نظام الخدمات الحكومية ونظم المشروعات المتطورة، كاستخدام العدادات الرقمية في قياس استهلاك الكهرباء”.
ومنتدى “دافوس” الاقتصادي هو منظمة دولية غير ربحية منوطة بتطوير العالم عن طريق تشجيع الأعمال، إلى جانب قضايا إنسانية وسياسية، تأسس على يد أستاذ الأعمال شواب عام 1971 بسويسرا وافتتح المنتدى عام 2006 مكاتب إقليمية له بالعاصمة الصينية بكين وفي نيويورك بالولايات المتحدة.
وتظل التنمية المستدامة وتحسين أحوال المواطن البسيط وتوفير فرص العمل للشباب هى الشغل الشاغل للحكومة المصرية والرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو ما يأتي في إطار
“إستراتيجية التنمية المستدامة .. رؤية مصر 2030” التي أطلقتها الحكومة في مارس 2015 على هامش مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري بمدينة شرم الشيخ والتي تستهدف تحقيق التنمية الاقتصادية وتنافسية الأسواق ورأس المال البشري.
اترك تعليقا