المسئولية الاجتماعية للشركات قاطرة التنمية المستدامة

المسئولية الاجتماعية للشركات قاطرة التنمية المستدامة
21 / 11 / 2019
بقلم دكتور أحمد سمير فرج المدير التنفيذي لجهاز حماية المستهلك عضو مجلس إدارة جهاز المنافسة ومنع الممارسات الإحتكارية -
  • المسئولية الاجتماعية للشركات(CSR) في ضوء المعيار الدولي أيزو 26000 تعمل علي تعظيم دور المحاور الثلاثة الاساسية الاقتصادية والبيئية والاجتماعية Triple Bottom Line (TBL)التي ترتكز عليها أهداف التنمية المستدامة(SDGs).
  • تَبني الشركات لاستراتيجية المسئولية الاجتماعية يحقق لها التفوق والتميز علي منافسيها ويؤثر علي رضا العاملين وولاء العملاء

دوماً يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطاباته علي ضرورة قيام شركات القطاع الخاص بدورها في مجال المسئولية الاجتماعية، ومدي أهمية ذلك في المرحلة الراهنة واثر ذلك علي تخفيف الأثار الناتجة عن خُطوات الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي الضرورية التي تقوم بها الدولة.

ولايخفي علي احد أن المفاهيم الحديثة للمسئولية الاجتماعية للشركات بعيدة كل البعد عن مجتمعاتنا العربية فلازالت النظرة للمسئولية الاجتماعية للشركات علي انها عمل خيري تطوعي له مجالات محددة في دور الايتام او إعالة عدد من الاسر الفقيرة او في زراعة وتشجير البيئة المحيطة بالشركة وغيرها من المفاهيم القديمة التي انتهي العمل بها منذ سبعينات القرن الماضي في الدول التي سبقتنا في تبني مثل هذه الاستراتيجيات والتي اطلقت علي هذه المرحلة (المسئولية الاجتماعية للشركات المدفوعة بالاحسان) والتي تخطتها هذه الدول منذ زمن ليس بقريب، وبعدد من المراحل المتلاحقة للمسئولية الاجتماعية حتي وصلت الي مرحلة (المسئولية الاجتماعية للشركات المدفوعة بالمسئولية)،وهي مرحلة يتم تبني المسئولية الاجتماعية للشركات كنظام عام للشركة ودمج نموذج الاعمال عن طريق الابتكار كوسيلة لتقليل المخاطر، ويطبق فيها المعيار الدولي للمسئولية الاجتماعية للشركات ISO 26000 ، والتي تأسست فكرته علي المحاور الثلاث الهامة ( المحور الاقتصادي، والمحور الاجتماعي، والمحور البيئي ) او مايطلق علية (TBL) (Triple Bottom line)  وانشطته الرئيسية السبعة (   الحوكمة المؤسسية، وحقوق الانسان، وممارسات العمل، و البيئة، وممارسات التشغيل العادلة، وقضايا المستهلك، ومشاركة وتنمية المجتمع ).

ومن يدقق النظر في هذه المحاور الرئيسية للمسئولية الاجتماعية للشركات يجدها هي نفس المحاور الرئيسية التي تعمل عليها وتسعي إلي تحقيقها أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر والتي تطالب تضافر جميع الجهود للوصول لها سواء الحكومية او القطاع الخاص او المجتمع المدني أو الافراد ولكل منهم دورهام في تحقيق هذه الاهداف.

ولا يخفي علينا  إن قيام القطاع الخاص او الشركات بدورها تجاه نفسها من ناحيه وتجاه أصحاب المصالح من ناحية أخري بتبنيها استراتيجية من اهم الاستراتيجيات التي تتبناها الشركات وهي استراتيجية المسئولية الاجتماعية ليس من سبيل الصدقة أو الخسارة أوإنفاقلأرباح حققتها،وانما علي العكس تماماً فإن الشركات تحقق مكاسب مباشرة من تبنيها لهذه الاستراتيجية وهذا ما اثبتته احدث دراسة علمية تمت بمصر وكان مجال تطبيقها شركات تجميع السيارات بأن تَبني الشركات لاستراتيجية المسئولية الاجتماعية يحقق رضا العاملين وولاء العملاء فضلاً عن الدراسات التي تمت علي اسواق عالمية مختلفة حققت نفس النتائج،ولذلك فإن قيام الشركات بتَبني هذه الاستراتيجية سوف يحقق لهم التفوق علي منافسيهم منخلال محوران  اساسيان إحدهماخارجي والاخر داخلي أما المحور الداخلي فهو العاملين ورضائهم وماله من اثر علي انتاج الشركة و الاثار الايجابية لذلك كثيرة لامجال لذكرها هنا، واما العاملالمحورالخارجي هو ولاء العملاء وماله من اثر إيجابي علي التسويق لمنتجات الشركة ونظرة العملاء لهذه الشركة المسئولة اجتماعيا.

ومما لاشك فيه فإن المفهوم الموسع للمسئولية الاجتماعية للشركات وفقاً للمعيار الدولي ايزو 26000 يضع معايير عالية لقدرة الشركات علي تحديد الاحتياجات الاجتماعية ومشاركة العديد من الجهات اصحاب المصالح لمعالجة قضايا التنمية المستدامة، و الامر علي نحو ما سبق يتطلب وجوداطر نظرية و إدارية متكاملةلتحديد اثر المسئولية الاجتماعية للشركاتعلي أهداف التنمية المستدامة .

كما ان أهداف التنمية المستدامة توفرمنهج عمل متكامل للمسئولية الاجتماعية للشركات الموجهةنحو المستقبل وتعد فرصة فريدة لاستخدام هذه الاهداف كإطار عام لتطوير المسئولية الاجتماعية للشركات لخلق القيمة المشتركة،وتقييم الاثار الايجابية لاهداف التنمية المستدامة مثل ( تخفيف حدة الفقر وسبل العيش والصحة والتعليم و الحد من الاثار السلبية من استهلاك الموارد والتلوث وانتهاكات حقوق الانسان).

ولذلك تري كثير من الابحاث العالمية ان اهداف التنمية المستدامة هي إطار لتحسين مشاركة تلك الشركات في المسئولية الاجتماعية للشركات بطريقة تسهم في تحقيق تنمية مستدامة.

وبعد الازمة الاقتصادية العالمية 2008/2009 والتي أظهرت قصور في الرؤية الاجتماعية للشركات أصبحت الحاجة الي خلق قيمة مشتركة امر هام وضروري، وكما اوضح احد اكبر واهم اساتذة علم الاستراتيجية الامريكيين “مايكل بورتر” ان التركيز علي خلق قيمة مشتركة بين المساهمين من ناحية وبين اصحاب المصالح (الموردين/ العاملين/ العملاء/ الحكومات/ الجمعيات الاهلية/ البيئة ……. الخ ) من ناحية اخري تؤدي الي النجاح في خلق مساهمة ملموسة في التنمية المستدامة. 

والجدير بالذكر ان التنمية المستدامة عند صياغتها كان هناك حضور قوي لشركات القطاع الخاص بالمناقشات وعند وضع الاهداف الاساسية للتنمية المستدامة السبعة عشر والاهداف الفرعية البالغة 169_ هدف فرعي_ حيث يتم تشجيع الشركات صراحة علي اعتماد ممارسات مسئولة اجتماعياً والابلاغ عن اثارها في الاستدامة (الهدف 12.6)، وهذا خلاف شراكة هذه الشركات مع القطاع الحكومي والمجتمع المدني لتحقيق اهداف التنمية المستدامة ( الهدف 17).

و لذا وجب علينا ان ننظر إلي المسئولية الاجتماعية للشركات واهداف التنمية المستدامة علي انهم وجهان لعملة واحدة فيما يخص دور شركات القطاع الخاص وخاصاً انها اهداف عامة تحقق منافع مباشرة لجميع الاطراف، وإن كانت الاولي تحقق منافع مباشرة وواضحة ومرتبطة بشكل مباشر بما تقدمة هذه الشركات للمجتمع.

[email protected]

شارك الخبر

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة