
الدكتور محمود فوزي يكتب «الرياضة وذوي الهمم» .. مبادرة تنموية تستحق الإشادة
تواصل بعض المؤسسات ضرب المثل الأعلى والقدوة في انتهاج استراتيجيات المسئولية الاجتماعية والأخلاقية نحو فئات ...
في ظل التغيرات العالمية المتسارعة، أصبح مفهوم التنمية المستدامة ضرورة حتمية، خاصة مع تصاعد التحديات البيئية والاقتصادية ، و تعزز الدولة المصرية جهودها لتحقيق رؤية مصر 2030 و التي تهدف إلى تحقيق تنمية متوازنة تشمل جميع الفئات.
و هنا يأتي دور الشركات والمؤسسات في تبني المسؤولية المجتمعية كجزء أساسي من استراتيجياتها، ليس فقط لتحقيق أرباح طويلة الأجل، ولكن أيضًا للمساهمة في بناء مجتمع أكثر استدامة و عدالة.
خلال السنوات الأخيرة، شهدنا تحولًا ملحوظًا في دور الشركات المصرية، فلم تعد المسؤولية المجتمعية مجرد مبادرات خيرية، بل أصبحت استثمارًا استراتيجيًا، على سبيل المثال، شاركت العديد من الشركات في مبادرات وطنية كبرى مثل: “حياة كريمة” و التي تستهدف تحسين مستوى المعيشة في القرى الأكثر احتياجًا و أيضاً مشروعات الطاقة النظيفة التي تدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، مثل استثمارات الشركات في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح و دعم ريادة الأعمال من خلال توفير التمويل والتدريب للشباب والمشروعات الصغيرة.
“نماذج ناجحة لشركات مصرية في مجال التنمية المستدامة”
الحقيقة ان هناك عدة شركات مصرية كبرى تبنّت سياسات تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، سواء في مجال الطاقة، أو التعليم، أو المسؤولية البيئية والاجتماعية، فمثلا في القطاع القطاع المصرفي هناك دعم ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة في” البنك الأهلي المصري” و “بنك مصر “و هما من أبرز البنوك التي تدمج الاستدامة في استراتيجياتها من خلال تقديم تمويل منخفض الفائدة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة تلك التي تهدف إلى التحول نحو الاقتصاد الأخضر و دعم مبادرات ريادة الأعمال مثل “مبادرة رواد النيل” التي تساعد الشباب في تأسيس شركاتهم الناشئةو المشاركة في تمويل مشروعات الطاقة المتجددة مثل مزارع الرياح و الطاقة الشمسية.
وفي قطاع الطاقة هناك التحول نحو الطاقة النظيفة، تعد شركة “السويدي إليكتريك” من رواد التحول للطاقة المتجددة في مصر، حيث استثمرت في محطات الطاقة الشمسية، مثل مشاركتها في مشروع بنبان بأسوان، أحد أكبر مجمعات الطاقة الشمسية في العالم ، حيث تحالفت السويدي مع شركة كهرباء فرنسا (Electricité de France) لتطوير وتمويل وبناء وتشغيل محطتين للطاقة الشمسية الكهروضوئية في بنبان وكوم أمبو بمحافظة أسوان ، ستزوّد هاتان المحطتان -بطاقة إنتاجية قصوى 130 ميجا وات (65 ميجاوات لكل محطة) وبمعدّل طاقة سنوي يُقدّر بنحو 290 جيجاوات في الساعة- أكثر من 140 ألف أسرة بالكهرباء مع تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 120 ألف طن. يُعدّ مشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية أحد المشروعات الرائدة لبرنامج “تعريفة التغذية الكهربائية” للطاقة المتجددة للحكومة المصرية ، تساهم السويدي في تطوير حلول كفاءة الطاقة وتقنيات توفير استهلاك الكهرباء في المصانع والمباني التجارية كما تقدم منحًا ودورات تدريبية للشباب في مجالات الهندسة والطاقة المتجددة لتعزيز القدرات المحلية.
وفي القطاع الصناعي هناك الإنتاج المستدام وتقليل الانبعاثات في” مجموعة العربي”و هي شركة رائدة في صناعة الأجهزة الكهربائية و تعمل على تصنيع منتجات موفرة للطاقة، مثل أجهزة التكييف والثلاجات التي تستهلك طاقة أقل و تبنّي سياسات إعادة التدوير وتقليل المخلفات الصناعية لتحقيق تأثير بيئي أقل و تعمل أيضاً على دعم التعليم الفني من خلال إنشاء مدارس ومراكز تدريب متخصصة في التكنولوجيا والصناعة ، و اتخذت مجموعة العربى خطوات جادة وحقيقية للمشاركة في الحد من التغيرات المناخية، من خلال تنفيذ عدد من المشاريع التي تُقَلِّلُ انبعاثاتِ غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن المجمعات الصناعية بمقدار 5 طن في السنة، ومعالجة مياه الصرف الناتجة عن التصنيع لتحويلها إلى مياه غير ضارة بالبيئة.
وتمتد مشاريع العربى إلى العديد من محافظات مصر، حيث نفَّذتْ مشروعَ البيوجاز بمحافظة المنوفية، ويعتمد هذا المشروع على استخدام المخلفات الطبيعية لإنتاج الوقود الحيوي بدلًا من غاز البوتاجاز والكهرباء، بالإضافة إلى مشاريع تشجير المناطق المحيطة بالمجمعات الصناعية المتواجدة في عدد من المحافظات.
كما تبذل مجموعة العربى جهودًا كبرَى لتدوير مخلفات عمليات التصنيع المختلفة والاستفادة منها مرة أخرى، وتتعاون باستمرار مع كل المنظمات والمؤسسات المعنية بالبيئة، مثل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO) لمراجعة المواد المستخدمة في التصنيع واستبدالـها بمواد صديقة للبيئة.
وبالطبع تعمل على تعزيز وعي العاملين بها للحفاظ على البيئة وترشيد استخدام الطاقة، والموارد المختلفة، كما شاركت في مؤتمر المناخ لعام 2022، الذي انعقد في شرم الشيخ.
وفي القطاع العقاري يوجد جزء خاص ببناء مدن مستدامة وصديقة للبيئة مثل ،في” مجموعة طلعت مصطفى” و شركة”أوراسكوم للتنمية ” حيث تتبنيان مفهوم المدن المستدامة من خلال تصميم مجتمعات سكنية تعتمد على الطاقة المتجددة وتقنيات ترشيد المياه و أيضاً إنشاء مساحات خضراء واسعة في مشاريعها السكنية لتحسين جودة الهواء وتقليل التلوث و استخدام مواد بناء صديقة للبيئة تقلل من الانبعاثات الكربونية.
واما قطاع الاتصالات والتكنولوجيا حيث الابتكار في خدمة المجتمع، هناك شركة” فودافون مصر و وشركة “أورنج مصر” لديهما برامج فعالة في مجال الاستدامة، مثل مشاريع لتوفير الإنترنت في المناطق الريفية، مما يساعد في دعم التعليم الرقمي و مبادرات لإعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية للحد من النفايات الإلكترونية الضارة بالبيئة و تمويل مشاريع تكنولوجيا مبتكرة لحل مشكلات بيئية مثل إدارة النفايات وتحلية المياه.
هذه الشركات لم تكتفِ فقط بتحقيق أرباح، بل ساهمت في توفير فرص عمل مستدامة للشباب المصري و دعم التحول نحو اقتصاد أكثر استدامة وأقل اعتمادًا على الموارد التقليدية و تحسين جودة الحياة عبر توفير منتجات وخدمات تحافظ على البيئة ،بالفعل تلعب الشركات المصرية دورًا محوريًا في تحقيق التنمية المستدامة، ولكن الوصول إلى الأهداف المرجوة يتطلب جهودًا جماعية بين الحكومة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني، ومع تزايد الاهتمام العالمي والمحلي بالاستدامة، فإن دمج هذه المفاهيم في استراتيجيات الأعمال لم يعد خيارًا، بل ضرورة لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
اترك تعليقا