تعتبر السينما من المحركات الرئيسية لثقافات الشعوب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر..وتلعب دورا كبيرا فى تشكيل وجدان وسلوكيات الكثيرين.
السينما بمفهومها البسيط صناعة التصوير المتحرك وعرضه للجمهور عبر دور العرض، أو على شاشات أصغر (التلفاز أو الأجهزة الالكترونية الحديثة).
ويعتبر الفن السينمائي وتوابعه من إخراج وتمثيل واحدا من أكثر أنواع الفن انتشارا ويسميه البعض الفن السابع .
وملف السينما والمسئولية المجتمعية يعتبر من الملفات التى لا يتحدث عنها الكثيرون برغم أهميته ، ما جعلنى اتباحثه مع عدد من المختصين ، وكانت البداية مع الناقد السينمائي محمد عاطف ، الذي أكد لى أنه ، بشكل عام ، يعتبر أن نشر الثقافة جزء لابد أن يكون من أولويات الشركات والمؤسسات الكبرى ضمن مسئوليتها المجتمعية لاسيما فيما يرتبط بمجالها الجغرافي ، فمثلا تستطيع شركة كبرى أو مصنع ما في إحدى المدن بإنشاء مكتبة بتلك المدينة أو رعاية أفلام تسجيلية عن المنطقة التى يوجد بها المصنع أو الشركة وهى نوع من الأفلام ستصبح مع الوقت وثائقية لهذا المكان سواء قرية أومدينة صغيرة ، وبالتالي فهو بذلك وضع بذرة جديدة لفكر ثقافي هادف بمنطقته.
وأضاف الناقد السينمائي محمد عاطف أن شركات الإنتاج السينمائي يمكن أيضا أن تعظم من دورها المجتمعي من خلال العديد من الأدوار لاسيما رعاية مشروعات التخرج للطلاب خاصة طلاب معهد السينما ، وللأسف ، كثير من تلك الأفكار تكون مميزة ولكنها مكلفة لايقدرالطالب على تحمل تكلفتها والنتيجة أن الطالب يترك تلك الأفكار وقد يتجه الى أفكار بسيطة فى إطار قدراته المالية.
وقال عاطف إنه لايميل لفكرة أن الفيلم السينمائي نفسه يكون بغرض اجتماعى من الأساس لأنه ببساطة أحداث ومشاهد الفيلم بما فيه من تجارب وسلوكيات ورؤى هى مؤثرة فى المشاهد وهناك الكثيرون يعدلون من سلوكياتهم او يتبنون افكارا جديدة او مختلفة عن نطاق حياتهم من خلال تاثرهم بمشاهدة فيلم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ..وهناك افلام غيرت الكثير من الواقع الى الأفضل و على سبيل المثال لا الحصر (اريد حلا ) ..(الصرخة ) ..(جعلونى مجرما )..وغيرها
ويرى الناقد السينمائى محمد عاطف أن شركات الإنتاج السينمائي قد يكون لها المزيد من البصمات فى هذا الصدد فى المهرجانات المختلفة من خلال رعاية ورش العمل نفسها المقامة على هامش المهرجان.
ولعل في هذا الصدد استوقني مقال سابق للدكتورة نسمة البطريق استاذ الاعلام والذى تناولت فيه دور السينما وتاثيرها مجتمعيا بشكل عميق حيث ذكرت :
أصبحت الثقافة ووسائلها الجماهيرية الفكرية منها والفنية بأشكالها المتعددة, أحد أهم أدوات المجتمع في تكوين فكر الفرد وثقافته بل وأصبحت في بعض الأحيان بمضمونها الموضوعي الذي يأخذ في الحسبان المجتمع كأحدي مفرداته المهمة, أنسب الطرق في معالجة القضايا الاجتماعية والفكرية في المجتمع , فقد تلعب دورا كبيرا ومؤثرا في اتجاهات الفرد الثقافية والسياسية والاقتصادية في المجتمع الحديث, وبصفة خاصة تلك الأدوات الثقافية والفنية ذات الخصائص التأثيرية الفائقة, ولعل السينما تنفرد في هذا المكون
والنظام الثقافي والمعرفي بخصائص قد لا تتوافر في أي أداة أخري.
واستطرد المقال المنشور مسبقا بالاهرام : لقد تناول مفكرو دول العالم المتقدم والنامي علي السواء تلك الظاهرة الفنية والثقافية, بالبحث والتحليل الفلسفي منه والعلمي الموضوعي أدرجت إلي جانب البحوث التي تهتم بالفنون والثقافة الجماهيرية لتأكيد أهمية هذه الأداة الجماهيرية في مخاطبة الشباب بصفة خاصة لقدرتها علي توجيه هذا الشق من الرأي العام علي المدي الطويل والقصير إلي بعض القضايا المحورية, فلها قدرة علي التأثير, من خلال بنيتها اللغوية المتعددة المستويات التي قد تساعد علي طرح بعض الحلول للمشكلات المحورية في المجتمع مستغلة اتجاهاتها الفنية ومناهجها المختلفة من الشاعرية والواقعية إلي الرمزية لتأكيد بعض الدلالات الفكرية في المجتمع, وبصفة خاصة تلك التي تتصل بالفكر والقيم والمساهمة في تفسير واقع بعض العلاقات الاجتماعية وإلقاء الضوء علي بعض المفاهيم التي تفسر الممارسات السلوكية الضارة التي قد تتولد خاصة في فترات التحول الفكري والاجتماعي والاقتصادي خاصة في فترات الأزمات والتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتحولات الكبري لإعادة بعض التوازن في النظام الفكري والمعرفي لمواجهة تلك النظرة الجديدة للمجتمع الحديث.
ويتفاوت دور ووظيفة وأهمية السينما كأداة ثقافية وفكرية وفنية مهمة في هذا الإطار في تحقيق هذه الأدوار المحورية خاصة طرح المشكلات والقضايا وتفسيرها تمهيدا لايجاد الحلول الملائمة, بتفاوت قدرتها علي الوصول إلي الجمهور المتلقي بجميع فئاته حتي تصل إلي جميع قطاعات المجتمع, وذلك إذا توافر في المجتمع التعدد في صالات العرض السينمائي حتي تصل الرسالة الثقافية والفنية والفكرية والسينمائية إلي جميع طبقات المجتمع.)
وبعد هذا المقال للدكتورة نسمة البطريق سنتناول فى مقالات قادمة ما كتبه كبار المختصين العالميين عن السينما ودورها المجتمعى (وللحديث تتمة).
اترك تعليقا