الإجراءات الحكومية لخفض انبعاثات الكربون تفتح شهية المستثمرين المصريين لتوطين الاستدامة

الإجراءات الحكومية لخفض انبعاثات الكربون تفتح شهية المستثمرين المصريين لتوطين الاستدامة
14 / 08 / 2024

مع انتهاء هيئة الرقابة المالية بالتعاون مع وزارة البيئة من كافة المتطلبات التنظيمية والإجرائية لتسجيل مشروعات خفض الانبعاثات الكربونية ، وإطلاق أول سوق منظم ومراقب من جهات الرقابة على أسواق المال لتسجيل وإصدار وتداول شهادات خفض الكربون الطوعية في مصر وافريقيا ، ساهم ذلك في فتح شهية المستثمرين المصريين لتوطين الاستدامة والمشروعات الخضراء.
ويمكن السوق الجديد منفذي وممولي مشروعات الخفض من إصدار شهادات خفض الكربون للمشروعات المسجلة بالهيئة، وبيعها في أنظمة التداول المعدة لهذا الشأن من قبل البورصة المصرية، لجذب المستثمرين المحليين والدوليين للتداول على هذه الشهادات.
ويدعم هذا الإجراء زيادة الاستثمار في هذه المشروعات وتحقيق الريادة لمصر في هذا المضمار وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام ، ويؤكد قدرة المؤسسات المصرية بالتكامل والتنسيق وتضافر الجهود على تحقيق انجازات ومواكبة التطور العالمي في شتى المجالات وبالأخص في مجال العمل المناخي والسعي الحثيث عالمياً لتحقيق الحياد الكربوني.
كما أن تدشين أول سوق طوعي منَظّم لتسجيل وإصدار وتداول شهادات خفض الكربون، يُعتـبر أحد خطوات الدولة المصرية في مسيرتها نحو تحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية في مصر، وتبني سياسات مبتكرة تسهم في الحد من التغـيرات المناخية.
أسواق الكربون تُعتـبر إحدى الآليات العالمية الهامة التي تعمل على خفض انبعاثات الغازات الضارة، كما أنها أحد نماذج التمويل المبتكر التي أوصى بها “دليل شرم الشيخ للتمويل العادل” الذي أطقته مصر خلال مؤتمر المناخ COP27، في فصه الرابع عن التمويل المختلط، نظرًا لدورها في إتاحة العوائد المالية التي تعزز العمل المناخي.

فتح شهية المستثمرين المصريين
حملت شركة دالتكس شعلة المبادرة كأول شركة مصرية من القطاع الخاص تشتري شهادات الكربون الدولية عبر أول سوق طوعي لشهادات خفض الانبعاثات الكربونية في مصر.
ويعد هذا السوق الأول من نوعه في إفريقيا، حيث أطلقته الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية، بهدف التوسع في اقتصاد تداول الانبعاثات الكربون، تماشيا مبادرة مصر الخضراء ورؤية 2030.
وتتضمن هذه المبادرة، شراء شركة دالتكس 1,500 شهادة خفض انبعاثات الكربون دولية، من مشروع Agroforestry في مدينة بنجاب بالهند، لشركة VNV أدفيزورى بقيمة تتخطى 1.3 مليون جنيه مصري ( 27،000 دولارا أمريكيا)؛ والذي يمتد لمساحة 500 ألف هكتار، ويهدف إلى تعزيز دَخل المزارع من خلال إيرادات شهادات خفض الكربون، ورفع مستوى معيشة المزارعين.
وقال هشام النجار، نائب رئيس مجلس ادارة شركة دالتكس، إن هذه الخطوة تتيح للشركات المصرية دعم الاستدامة والاقتصاد المصري في آنٍ وحد. إذ تعزز هذه المنصة استراتيجية الشركة لإزالة انبعاثات الكربون، وتتماشى مع أهداف الدولة، المتمثلة في بناء سوق ائتمان كربوني قوي قادر على دعم الاقتصاد.
وأضاف النجار أن شراء أرصدة خفض انبعاثات الكربونية ليس سوى جانب أولي من استراتيجية الشركة، حيث تخطط الشركة مستقبلًا إلى إصدار شهادات خفض انبعاثات الكربونية محليًا من مشروعاتها المستدامة في مصر، سواء مشروعات قائمة أو مستقبلية.
وأكد النجار أن تداول اعتمادات الكربون الدولية محليًا، يعزز من القيمة المضافة لمشروعات دالتكس وقدراتها التصديرية، بالإضافة إلى مساهمته في دعم اقتصاد الكربون المحلي.
من جانبه ، قال عمر النمر ، رئيس إدارة المشاريع والهيكلة في الشرق الأوسط وإفريقيا في شركة VNV أدفيزورى، إن مشروع Agroorestry، في بنجاب (الهند)، يعمل على ابتكار نماذج زراعية مستدامة تحول الممارسات الزراعية التقليدية في الريف الهندي، وتعزز من دخل المزارعين، بالإضافة إلى تحقيق إنجازات ملموسة في مجال خفض الانبعاثات الكربونية.
وبمنح شركة دالتكس للتداول عبر أول سوق طوعي لشهادات خفض الانبعاثات الكربونية في مصر، نعتزم دعم الجهود المحلية لإزالة الكربون وتعزيز الممارسات المستدامة على نطاق عالمي.
ويعزز السوق الطوعي الجديد قدرة الدولة على بناء سوق محلي قوي لتداول شهادات خفض انبعاثات الكربون، والذي بدوره يحسن قدرة الاقتصاد الوطني على الاستفادة من تداول هذه الشهادات بصورة مباشرة.
ويلعب مشروع Agroforestry في مدينة بنجاب بالهند، دورا أساسيا في رحلة الاستدامة لشركة دالتكس، حيث يعمل على تنويع الممارسات الزراعية التقليدية، اعتمادًا على تناوب زراعة محاصيل الأرز والقمح، بإدخال مزيج من أنواع الأشجار المحلية وغير المحلية للزراعة. ونتيجة لذلك، يعزز هذا النهج عزل الكربون، ويدعم استدامة الممارسات الزراعية في المنطقة على المدى الطويل.

آلية تعديل حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي (CBAM)
يفرض CBAM التزاما بالإبلاغ وضريبة كربون على واردات الاتحاد الأوروبي من سلع معينة لتقليل انبعاثات الكربون ، حيث أن الفترة النهائية لـ CBAM تبدأ في 1 يناير 2026، وسيتم السماح فقط “للمصرحين المعتمدين باستيراد منتجات تتوافق مع CBAM إلى الاتحاد الأوروبي.
كما سيتم ربط سعر شهادات CBAM بأسعار الكربون الأسبوعية في سوق نظام تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي (EU ETS). وقدّر إيهاب شلبي، الرئيس التنفيذي لشركة DCCarbon، تأثير آلية تعديل حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي (CBAM) على صادرات الصلب المصرية إلى الاتحاد الأوروبي.
وقال شلبي ـ في تصريحات لسي إس آر إيجيبت ـ إن مصر تعد منتجًا رائدًا للصلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث كان ما يقرب من 63٪ من صادراتها في عام 2022 إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن هذه الصادرات بلغت 560 ألف طن من الصلب، مشيرًا إلى أن السيناريو الحالي يقدر شهادة CBAM يورو لاستيراد 1 طن من الصلب من مصر بسعر 98 يورو مع متوسط سعر تحويل العملة في عام 2023 عند 33.78 يورو إلى جنيه مصري، وإجمالي تكلفة CBAM لصادرات 2022 إلى الاتحاد الأوروبي 1.8 مليون جنيه.
أدوات التمويل المبتكر
تعد أسواق الكربون إحدى الآليات العالمية الهامة التي تعمل على خفض انبعاثات الغازات الضارة، كما أنها أحد نماذج التمويل المبتكر التي أوصى بها “دليل شرم الشيخ للتمويل العادل” الذي أطقته مصر خلال مؤتمر المناخ COP27، في فصه الرابع عن التمويل المختلط، نظرًا لدورها في إتاحة العوائد المالية التي تعزز العمل المناخي.
وتندرج تلك الخطوة ضمن مستهدفات رؤية مصر 2030 والاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، والمساهمات المحددة وطنيًا ، بهدف تحقيق التوازن بين التطور الاقتصادي والبيئي، من خلال العمل على تجنب الآثار السلبية للتغيرات المناخية، مع الحفاظ على النمو الاقتصادي للدولة، كما أنها تعكس الدور الرائد الذي تلعبه مصر في دعم أجندة أفريقيا 2063 لخلق اقتصادات ومجتمعات إقليمية مستدامة بيئيًا وقادرة على الصمود أمام تغير المناخ.
وتعد مشروعات محور الطاقة ضمن برنامج «نُوَفِّــي» إحدى مسارات الدولة التي تعمل على تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، عبر خفض ما يقرب من ١٧ مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا.
كما أن تدشين سوق تداول شهادات الكربون، يعد أحد التوصيات الهامة التي تضمنتها تقارير شركاء التنمية، فقد اشتملت توصيات تقرير المناخ والتنمية CCDR الصادر عن مجموعة البنك الدولي في نوفمبر 2022 على ضرورة تدشين سوق ائتمان الكربون كأحد المسارات التي تنتهجها الدولة المصرية نحو مستقبل منخفض الكربون، كما أوصى التقرير الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD تحت عنوان “سياسات النمو الأخضر في مصر” والذي يأتي تحت مظلة تنفيذ البرنامج القطري مع الحكومة، بتدشين سوق تداول الكربون في سوق الأوراق المالية المصرية يمثل خطوة إيجابية نحو إشراك القطاع الخاص في العمل المناخي، وتشجيع الشركات المصرية على الاستثمار في مشروعات التخفيف .

برنامج سوق رأس المال المشترك (J-CAP)
من أجل البناء على هذا التقدم، تسعى وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إلى مواصلة التعاون الجاري مع مجموعة البنك الدولي فيما يخص برنامج سوق رأس المال المشترك (J-CAP)، لدعم هيئة الرقابة المالية ووزارة البيئة وعدد من الجهات الوطنية في تعزيز البنية التحتية لجذب رأس المال الخاص في مصر وتعزيز السيولة في الأسواق المالية، وذلك من خلال تطوير الأسس اللازمة للنظام البيئي المحلي بهدف أن يصبح مركزًا إقليميًا لأسواق الكربون .
وتقوم الوزارة أيضا، بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي لتنفيذ العديد من أنشطة آلية “التعاون الفني وتبادل المعلومات – تايكس “TAIEX لتقديم الدعم الفني لآلية تعديل الحدود الكربونية CBAM لصالح الجهات المعنية من بينها وزارة الصناعة والجهات التابعة لها.
وفي 2022 ، قد تم إطلاق أول صندوق مصري للاستثمار في المشروعات التي تصدر شهادات الكربون EgyCOP، ، وهى الأولى من نوعها في السوق المصري، ، وعمل الصندوق على توفير مساحة وظيفية أكبر للإفراج عن الأموال العامة نحو مشروعات التكيف، خاصة في إطار تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي ومحدودية الموارد المالية.
ووصل رأس المال المرخص للصندوق أنذاك مليار جنيه مصري لتمويل مشروعات الشركات المصرية التي تحقق خفض للانبعاثات في مصر وتصدر لها شهادات معتمدة عالميا لموازنة الانبعاثات من مؤسسة الجولد ستاندرد السويسرية.
وتشير التقديرات إلى أن تداول أرصدة الكربون قد يخفض تكلفة تنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا بأكثر من النصف بما يصل إلى 250 مليار دولار بحلول عام 2030 على مستوى العالم، وفي هذا الإطار فإن إطلاق سوق الكربون في مصر سيمكنها من زيادة مساهمة الاقتصاد الأخضر في الناتج المحلي الإجمالي، بما في ذلك زيادة الاستثمارات الخضراء وتحقيق النسب المستهدفة في مختلف جوانب الاقتصاد الأخضر.
وكانت هيئة الرقابة المالية المصرية قد أطلقت أول سوق أفريقي طوعي لإصدار وتداول شهادات الكربون ، وذلك على هامش فعاليات قمة المناخ COP27 المنعقد في مدينة شرم الشيخ 2022 ، لمساعدة الكيانات الاقتصادية العاملة في مختلف الانشطة الانتاجية في مصر وافريقيا على الانخراط في أنشطة خفض الانبعاثات الكربونية والاستفادة من استصدار وبيع شهادات بموجب الخفض لصالح شركات أخرى ترغب في معاوضة انبعاثاتها الكربونية التي يصعب تخفيضها.
جدير بالذكر أن رئيس مجلس الوزراء قد أصدر قرارا رقم 4664 لسنة 2022 بشأن تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 بشأن اعتبار شهادات خفض الانبعاثات الكربونية أداة مالية وقيام البورصة بإنشاء منصة التداول وإنشاء لجنة للإشراف وذلك كله بناء علي اقتراح مجلس ادارة الهيئة
تلي ذلك تشكيل الهيئة العامة للرقابة المالية أول لجنة للإشراف والرقابة على وحدات خفض الانبعاثات الكربونية واختصاصاتها برئاسة رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية وتضم في عضويتها ممثلي الهيئة العامة للرقابة المالية ممثلين عن وزارة البيئة والبورصة وأعضاء من ذوي الخبرة في مجال أسواق الكربون.
وأصدرت الهيئة قرار ينظم معايير قيد جهات التحقق والمصادقة لمشروعات الخفض في القائمة المعدة لذلك لدى الهيئة، لتبدأ اللجنة في تلقي طلبات جهات راغبة في القيد للعمل كجهات تحقق ومصادقة أجرت لهم اللجنة مقابلات للتحقق من قدراتهم ومؤهلاتهم وهو ما أسفر عن قيد 3 جهات للقيام بمهام التحقق والمصادقة جهتين محليتين وأخرى اجنبية.
كما أصدرت الهيئة قواعد قيد وشطب شهادات خفض الانبعاثات الكربونية بالبورصات المصرية، وكذلك معايير اعتماد سجلات الكربون الطوعية المحلية والتي تعد بمثابة أنظمة الحفظ المركزية الالكترونية تتضمن سجلات لإصدار وتسجيل وتتبع تسلسل نقل ملكية شهادات خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن تنفيذ مشروع الخفض وفق المنهجيات الصادرة عن جهات وضع المعايير والمنهجيات، بالتوازي مع اعتماد الهيئة لقواعد التداول بالبورصة المصرية بعد اجراء مشاورات وتنسيقات مكثفة ، واعتماد قواعد التسوية الخاصة بشهادات الكربون الطوعية بالبورصات المصرية.

شارك الخبر

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة