هالة السعيد: الدولة حريصة على تحسين جودة حياة المواطنين

هالة السعيد: الدولة حريصة على تحسين جودة حياة المواطنين

شاركت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في فعاليات قمة مصر الاقتصادية في نسختها الثالثة المنعقدة تحت شعار”تنمية مجتمعية وفرص استثمارية ما بعد أزمة كورونا” برعاية مجلس الوزراء، ويتناول مؤتمر هذا العام موضوع “التضخم العالمي ودور القطاعين العام والخاص في مواجهته”.

وخلال كلمتها، قالت الدكتورة هالة السعيد، إن الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم منذ عامين لازالت مستمرة؛ نظرًا لما نشهده من أزمة متفاقمة للوباء المستجد، والسلالات المتحورة من الوباء، مما يزيد المخاوف بشأن الأضرار والخسائر المحتملة على الأنشطة الاقتصادية وأسواق العمل والأسواق المالية وسلاسل الإمداد الدولية، التي لازالت تعاني ولم تتعاف بالكامل من جراء هذه الأزمة، والتي كبدت الاقتصاد العالمي خسائر تقدر بنحو 22 تريليون دولار، مع استمرار تراجع مؤشرات الاستثمار وارتفاع معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات قياسية لم يشهدها الاقتصاد العالمي من قبل.

وأكدت الوزيرة، أن هذه الأزمة تختلف وتتجاوز في حدتها وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية جميع الأزمات السابقة التي شهدها العالم بتأكيد المؤسسات الدولية “سواء أزمة الكساد الكبير 1929-1932 أو الأزمة المالية العالمية 2008-2009″؛ حيث أنها المرة الأولى التي تضرب فيه أزمة واحدة جانبي العرض والطلب معا؛ بتأثر سلاسل التوريد والإمداد العالمية، وتوقف نشاط التصنيع، وتراجع مستويات الأجور، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة، وتزايد حالات عدم اليقين، كما أنها المرة الأولى أيضًا التي تضرب فيه أزمة جميع اقتصادات العالم، وجميع القطاعات الاقتصادية في آن واحد.

ظهور متحورات جديدة من كورونا

وأضافت السعيد، أنه رغم التعافي النسبي لمؤشرات الاقتصاد العالمي مع توقع معدل نمو الاقتصاد العالمي 5.9٪ في هذا العام 2021، ومتوقع أن يبلغ 4.9٪، إلا أنه لا تزال تأثيرات الأزمة مستمرة خصوصًا مع توالي ظهور متحورات جديدة وتداعياتها السلبية على سلاسل التوريد التي تأثرت بها اقتصاديات الدول المتقدمة والدول النامية وأدت إلى تراجع مستوى الأنشطة الاقتصادية في هذه الدول، حيث أدى الانتشار السريع لمتحور “دلتا” والمتحور الجديد “أوميكرون” إلى ارتفاع درجة عدم التيقن حول المدى الزمني المحتمل للتعافي من الجائحة، وتجاوز مخاطرها، والعودة لمسارات النمو المستدام.

وتابعت السعيد أنه من ناحية أخرى اقترن هذا التعافي النسبي بتخوفات حول تأثير التعافي السريع للطلب الذي قد لا يقابله معدلات عرض مناسبة، أطلق عليه البعض اضطراب محتمل في سلاسل الإمداد، أو التعافي غير المتكافئ، أو غير المتوازن. وقد أدي هذا الاختلال إلى جانب الضغوط الناجمة عن الاضطرابات المستمرة في أسواق العمل إلى زيادة سريعة في أسعار بعض السلع الرئيسية والاستراتيجية على مستوي العالم، لعل أهمها على الإطلاق خدمات الشحن وأسعار الطاقة، فقد جاءت هذه الموجة التضخمية مدفوعة بارتفاع الطلب ونقص المدخلات واضطرابات سلسلة التوريد، وهو ما يتضح من الاتجاه المتصاعد لمؤشر اضطراب سلسلة التوريد.

وأشارت السعيد إلى زيادة أسعار البترول والطاقة في أقل من ستة أشهر بنسب تراوحت بين 50% إلى 80%، ويعد سوق النفط من أكثر المتغيرات تأثيرا في تقلبات الأسعار بشكل عام، نظرا لتأثيره المباشر ولكونه من المداخل الرئيسية للعديد من الصناعات والقطاعات و طرق الشحن مما يؤدي إلي ارتفاع الأسعار النهائية. فقد تراوحت أسعار خام برنت منذ بداية 2021 (وفقا لأسعار السلع الأساسية للبنك الدولي) من 54,55 دولار/ للبرميل في يناير 2021 إلي 80,77 في نوفمبر2021، بنسبة ارتفاع 48%، و تراوحت أسعار الغاز الطبيعي من 2,67 (دولار/طن متري) في يناير 2021 إلي 5,02 (دولار/طن متري) في نوفمبر2021، نسبة ارتفاع 88% منذ بداية العام.

تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة

وأوضحت السعيد أنه عند انتشار الوباء، وما تبعه من أزمات اقتصادية واجتماعية كانت الدولة المصرية قد قطعت بالفعل شوطًا كبيرًا من الإصلاحات والجهود الجادة بدأتها منذ سبعة أعوام بهدف تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، من خلال إطلاق “رؤية مصر للتنمية المستدامة”، في فبراير عام 2016، التي تمثل النسخة الوطنية من الأهداف الأممية لتحقيق التنمية المستدامة، وكذلك تنفيذ المرحلة الأولى من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي منذ نوفمبر2016، والذي تضمن اتخاذ العديد من الإصلاحات المؤسسية والتشريعية والإجراءات التحفيزية لتهيئة بيئة الأعمال، وفتح المجال للقطاع الخاص للمشاركة في تنفيذ وإدارة مشروعات البنية التحتية وللمساهمة في تنمية الاقتصاد، وخلق فرص العمل اللائق والمنتج.

وأكدت السعيد أن الدولة حرصت خلال هذه الأعوام على استمرار الطفرة المحققة في الاستثمارات العامة لتحسين جودة حياة المواطنين والارتقاء بمستوى الخدمات وتحفيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، حيث بلغ حجم الاستثمارات العامة في العام الجاري 21/2022 نحو 933 مليار جنيه وبمعدل نمو 46% مقارنة بالعام السابق (وبنسبة زيادة 535% مقارنة بعام 14/2015)، وقد بلغ الإجمالي التراكمي للاستثمارات العامة خلال الفترة 14/2015 – 21/2022 نحو 3.6 تريليون جنيه، كما ارتفع نصيب الفرد من الاستثمارات العامة في العام الجاري 21/2022 بنسبة 44% مقارنة بالعام السابق، وبنسبة 440% مقارنة بعام 14/2015 (8828 جنيه في 21/2022 مقارنة ب 6142 في 20/2021 و1631 جنيه في 14/2015)، تأكيدا لعزم الحكومة على ضخ استثمارات ضخمة لتحريك الاقتصاد بخطى متسارعة، وذلك من خلال دفع عجلة الاستثمار والإنتاج والتشغيل في كل القطاعات الاقتصادية، والتركيز على تطوير البنية الأساسية والنهوض بقطاعات التنمية البشرية والاجتماعية.

طفرة بالاقتصاد المصري في مختلف المؤشرات

وأضافت السعيد أنه مع ظهور أزمة انتشار الوباء، لم تكن مصر بمعزل عن هذه الأزمة وتداعياتها، فقد جاءت الأزمة في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد المصري بداية طفرة ملحوظة في مختلف المؤشرات؛ في ضوء الإصلاحات الجادة التي اتخذتها الدولة المصرية في الأعوام الأخيرة، والتي بدأت تؤتي ثمارها بتحقيق الاقتصاد المصري معدل نمو تصاعدي بلغ نحو 5.6% في النصف الأول من العام الجاري 19/2020؛ وهو أعلى معدل نمو متحقق منذ ما يزيد عن أحد عشر عاما، وهو ما عزز  قدرة الدولة المصرية على  التحرك السريع والمدروس لمواجهة أزمة كوفيد 19، ومنحها ما يسمى بالحيز المالي (Fiscal Space) لاتخاذ العديد من الإجراءات الاقتصادية (المالية والنقدية)، التي جاءت بدعم كامل وتوجيه من القيادة السياسية، وبتنسيق وتكاتف بين مختلف أجهزة الدولة.

كما تميزت هذه الإجراءات بقدر كبير من الشمول؛ وتضمنت إتاحة 100 مليار جنيه (2% من الناتج المحلي الإجمالي) مخصصات الخطة الشاملة للتعامل مع الأزمة وتحسين معيشة المواطنين، بالإضافة إلى جهود الدولة لمساندة العمالة المنتظمة وغير المنتظمة، وتقديم الدعم للقطاعات الرئيسية المتضررة من جراء الأزمة، وأهمها: قطاع الصحة، والسياحة الذي يعد أكثر القطاعات تضررا من الأزمة، وقطاع الصناعة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.

شارك الخبر

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة